حكاية ماهر.. الطفل الذي أعادت له جمعية نور طفولته
“اسمي ماهر، وأنا لست طفلاً عادياً ولم أمر بظروف طفولية عادية”.
تهجرت وعائلتي، تعثرنا، وتنقّلنا .. لم يكتب لي الاستقرار منذ سنوات ..
بيتٌ يحوينا وبيتٌ يلقي بنا خارج أبوابه، وبيتٌ ضاقت به الحال فهبط سقفه علينا.
أنا لست طفلاً عادياً، لست مهملاً ولا شقياً . أحب العلم والتعلم وأحب الأجواء المدرسية، كل ما أتمناه أن تشبه حياتي الحياة الطبيعية.
عمري 12 سنة، واجهت استشهاد أخي بشجاعة واستمريت في دراستي لفترة بعد ذلك.
خضت الكثير في حياتي، عملت كصانع في محل حلويات، وعملت في محل ألبسة مع أخي، قابلت الكثير من الناس والكثير من المواقف.
تركت المدرسة منذ عامين ونصف العام حين كنت في الصف رابع، حاول صديق عمري إقناعي بالعودة ورفضت، أتت أوقات فيها ندمت، بعضهم يشدني للعمل والآخر يقنعني بالدراسة.. ولكن الأوان قد فات، هكذا فكرت.
حتى أتى يوم الحظ ذاك، وبصدفة عجيبة قابلت والدتي إحداهن، لتخبرها عن منهاج يدعى فئة ’ب‘، قالت بأنها متطوعة في جمعية تسمى ’نور‘، وبأنها تعمل ضمن مشروع ’راجعلك مدرستي‘.
بقي الأمر في ذهني وبالي، بحثت عن الجمعية أكثر وأتيت إلى أقرب مقر لها في الزاهرة، جمعية نور (مركز المرأة).
عندما استمعوا لقصتي عرّفوني على سيدة تدعى رائدة عمايري، مدربة محو الأمية في المركز، هذه السيدة الفاضلة غيرت حياتي.. ساعدتني بكل المعلومات والأوراق والتفاصيل اللازمة، وتعلمت بعض الأمور الأساسية في دروس محو الأمية هناك.
بعد أيام.. توجهت للقيام بسبر المعلومات في مدرسة أسعد كادك، قابلت المديرة لمى وهبة، تقول السيدة رائدة العمايري بأنها ساعدتهم كثيراً في منهاج فئة ’ب‘ لا أعلم عن ذلك، لكن أعلم من استقبالها لي بأنها إنسانة كريمة.
نجحت في السبر و سجلت في مدرستي الجديدة في الصف السابع.
أشعر اليوم بأنّني شخص طبيعي.. اليوم أنا طفلٌ عادي.
لا يمكنني ولا يسعني إلا أن أشكركم جميعاً.. جمعية نور.. مشروع راجعلك مدرستي.. المتطوعة التي أخبرتنا بالمنهاج .. مركز المرأة.. السيدة رائدة على الأخص .. وجميع من قابلني بابتسامة منكم ..”.
ماهر طفل استثنائي .. باعتماده على ذاته ورغبته وإصراره، عاد إلى المدرسة من جديد ..
تقول غيداء الشايب، مديرة مشروع ’راجعلك مدرستي‘: ” يسعدنا أن نكون صلة وصل بين الأطفال وعودتهم للمدارس .. يسعدنا أن نساهم في هذه القصص الإنسانية.. يسعدنا أن نخوض تفاصيلها معهم ونتابعها خطوة فخطوة”.